لأن التعلم أو العمل ليس الشيء الوحيد الذي تقوم به في حياتك، إذ قد يكون لديك أسرة ومشكلات وضغوط وقلق وغيرها، قد تتعرض للتسويف، ومهما كان سبب هذا التسويف، دعنا نعرفه معًا في السطور القادمة ونعرف كيف نتغلب عليه؟
وسط الضغوط الكثيرة التي يمر بها الكثير من الناس في رمضان لا يكاد فم يخلو من جملة "بعد العيد إن شاء الله" فكيف تدير وقتك ومشاعرك في هذا الوقت الضاغط لنا جميعًا، وما هي الأشياء التي يمكن أن تساعدك في هذا الأمر؟
كلنا عرضة للتسويف، قد أكون فعلت هذا وأنا أكتب لك هذا المقال دون وعي مني، وأنت أيضَا كمتعلم قد تؤجل الكثير من الأشياء التي تحاول أن تتعلمها دون وعي، ولكي نحل هذه المشكلة علينا أن نعرف أولًا ما السبب فيها، فما هي أسباب التسويف؟
1. انخفاض الرغبة وغياب الهدف
بادئ ذي بدء، أحيانًا نؤجل ما لدينا من أعمال مطلوبة بسبب انعدام الرغبة الداخلية أو غياب الأهداف التي تدفعنا للقيام بما نقوم به، فلنفترض مثلًا أنك تريد تعلم اللغة الألمانية مجانًا من الصفر، عليك أن تجد الحوافز الكافية لفعل ذلك وأن تذكر نفسك بالهدف من هذا، هل هو الدراسة في ألمانيا؟ أم السفر أم اقتناص فرصة عمل في ألمانيا أو بعض الدول التي تتحدث الألمانية كسويسرا مثلًا؟
السبب الثاني من أسباب التسويف والذي يقودنا للمماطلة والتسويف هو الافتقار للتنظيم، فالعقل البشري يحب النظام وعندما يكون الدماغ مهيأ لعمل شيء ما وفق خطة يغيب مفهوم القلق والتخبط والتسويف، أما حينما تغيب الخطة وتتراكم الأعمال يشعر الدماغ أنه محاصر وتحت خطر فيهرب من التكليفات المطلوبة وهنا تحدث فوضى التسويف.
كم مرة خفت من التحرك خطوة للأمام خوفًا من أنها لن تكون على مستوى طموحك؟ شعور الندم نتيجة عدم اتخاذ الخطوة أسوأ بكثير من شعور الخوف من عدم أخذ هذه الخطوة، وبالتالي لا تخف من أن تسوء الأمور، أو أن الدورات التعليمية لن تفيدك شيئًا مستقبلًا، تحرك الآن وانجز المطلوب منك!
وعمومًا ليس كل التسويف ناتجًا عن الإدارة السيئة لوقتك، أو الكسل أو عدم الرغبة، أحيانًا يكون له علاقة بإدارة العواطف، وتجاهل مشاعرك ومشاكلك، وهذا ينعكس عليك، تقوم تقنيًا بالتسويف للحصول على مكافأة صغيرة بديلة بالتسويف بدلًا من المكافأة الكبيرة وهي الإنجاز!
ومن هنا دعنا نتفق أن كل تسويف قد يأتي من قلق، من الشك في قدراتك على الإنجاز والنجاح، أو من الضغوط والتوتر والانزعاج من مشكلات الحياة، وبالتالي ردة الفعل الطبيعية تكون بتجنب المهام بدلًا من مواجهتها وإنجازها، لأن التعلم ليس كل شيء في حياتك، أنت لديك أسرة، مشكلات والتزامات وحياة يومية وبالتالي كل هذا حينما يتداخل مع القلق والتوتر وأحيانًا الخوف أو غيرها من ضغوط آخر لحظة، كل هذا يؤدي إلى التسويف.
أن يكون التسويف انتقاميًا، بمعنى أن تقضي يومك كله في الإنجاز وتؤجل احتياجات جسدك سواء النوم أو الطعام أو غيرها من الضروريات المطلوبة، فكثير منا بعد يوم عمل طويل أو دراسة يمضي ساعات قبل أن ينام في مشاهدة الفيديوهات ومن هنا يتحول يومه التالي إلى يوم متعب، لأنه لم يعط جسمه حقه في النوم، ولم يشحن طاقته بما يكفي لمواجهة يومه، وبالتالي يتحول هذا اليوم إلى قطع من الحلوى، يتحول فيها يومك إلى أجزاء صغيرة من المكافآت غير المطلوبة، سواء وقت الشاشة أو اللعب أو غيرها، فكيف تتوقف عن التسويف إذًا؟
كأي مشكلة في الحياة، لكي تصل إلى الحل، عليك أن تعرف سبب التسويف، من الأسباب التي ذكرناها في الأعلى، ولكن هناك بعض التقنيات التي تساعدك في الإنجاز والتي نتمنى أن تبدأ بها فورًا في إنجاز مهامك وإكمال دوراتك.
تحديد أولوياتك مهم في حل مشكلة التسويف، لماذا نتوه ونقوم بالتسويف؟ لأننا لا نعرف ما المفروض علينا إنجازه أولًا وما الذي يمكننا تأجيله، خصوصًا لو كان لدينا الكثير في أيادينا، وبهذه المناسبة دعني أقدم لك مصفوفة آيزنهاور والتي تقوم على هذا النحو!
اعرف الأشياء العاجلة والمهمة وابدأ بها
اعرف الأشياء المهمة لكن غير العاجلة وجدولها
واعط الأشياء غير المهمة العاجلة لشخص يساعدك فيها
اعرف الأشياء غير المهمة وغير العاجلة والغيها
وبهذا التقسيم سيتضح لك على ماذا تركز وماذا تترك؟ ما المطلوب تنفيذه الآن وما الذي يمكنك تنفيذه على مهلك وما الذي يمكنك إلغاؤه بالكلية؟
ثاني الأشياء التي تحتاج لعملها للتغلب على مشكلة التسويف هي أن تقلل تشتيتك، فكثير من تطبيقات التواصل الاجتماعي وغيرها مصممة فقط لكي تظل جالسًا فيها، ركز في الفترة القادمة عندما تدخل هذه التطبيقات كيف تغرق فيها وتكمل بالساعات، والذي ننصحك به هنا أن تقوم بإغلاق بعض التطبيقات وتحديد وقتك عليها حتى لا يضيع الكثير من وقتك فيها أو احذفها بالأساس.
كما سبق ووضحنا أن إدارة العواطف هي أحد أسباب التسويف، وبالتالي للتخلص من التسويف عليك أن تبدأ من اليوم في إدارة القلق خصوصًا عندما ترى الكثير من المهام أمامك، وحين تزيد المهام عليك ولا تستطيع أن تبدأ تذكر الهدف الذي يدفعك لفعل ما تفعله، تذكر أن اللغة التي تتعلمها اليوم ستفتح لك بابًا في المستقل، ولو كانت المهام كثيرة قسمها إلى قطع صغيرة جدًا واعتمد على هذه الإنجازات الصغيرة.
هناك تقنية أخرى مجرّبة أرشحها لك، هي تقنية بومودورو الشهيرة والتي تستخدم للمهام الصعبة، وفيها تحسب وقتًا مهينًا للعمل، وليكن 25 دقيقة وتأخذ راحة ربع ساعة على هذا الوقت، وبعد كل 4 دورات بومودورو تأخذ راحة أطول، ولو كنت تريد تساعدك في هذه التقنية إليك هذا الموقع وموقع توميتو الشهير.
عزيزي زائر وادي علم
التسويف لما بعد العيد أو في أي وقت آخر من السنة يحدث لنا جميعًا، خذ استراحة، نظم وقتك، نظم مشاعرك وحاول أن تنجز كل ما عليك قبل الأجازات لأن التأجيل قد ينغص عليك أجازتك، وفي الأخير نتمنى لك أيامًا سعيدة ومثمرة، لا تنسى أن ترسل لنا أسئلتك للإجابة عليها والكتابة عنها!